احتفالات في الخرطوم يوم سقوط الرئيس المخلوع، عمر البشير. (cc) موقع الأضواء | محمد هلالي | 11 أبريل، 2019

 يرى ناشطو\ات سنار أن الحكم المدني لن يقوم في السودان، وفي ولاية سنار على وجه الخصوص إلاّ بوعي المواطنين\ات بحقوقهم\هن والأحزاب السياسية بواجباتها، بالإضافة لتحسين الوضع الاقتصادي، ومحاربة القبيلة وتحكمها في الفرد. 

ظل السودان عالقا فيما سمي الدائرة الشريرة – يمر من الديمقراطية إلى الانقلابات ثم الديكتاتورية منذ استقلاله سنة 1956. رغم سعي الشعب من أجل حكم مدني ديمقراطي، ظلت جنرالات الجيش تقطع طريق الممارسة الديمقراطية. حدث ذلك بمساعدة من الأحزاب السياسية ذات الطابع الراديكالي والعقائدي مثل عبر مساعدة الحزب الشيوعي السوداني لانقلاب جعفر نميري، أو مساندة الحركة الإسلامية لانقلاب عمر البشير.  قام الشعب السوداني بثورتين، آملا في تحقيق الديمقراطية وترسيخ الحقوق. في ثالث ثورة وأعظمها تساءلت ‘الأضواء’: كيف يمكن جعل المجتمعات مستعدة لتحول ديمقراطي حقيقي، عملية انتخابية حرة ونزيهة، وحماية البلاد من أي انقلاب عسكري مستقبلا؟

المُواطِن\ة والمُواطَنة

“في ولاية سنار جهل وفقر ومرض منتشر في معظم محليات الولاية. شكّلت هذه العوامل عقبة أمام أي تخطيط أو تدريب”، يقول عضو لجان المقاومة في محلية سنجة والناشط السياسي أحمد داود. 

يشغل الوضع الاقتصادي المتأزم المواطنين والمواطنات، حيث أن جل همهم\هن يتركز على متطلبات الحياة اليومية، وسبل توفير الدخل لأسرهم\هن. يؤدي ذلك إلى اهتمام محدود بالعملية السياسية، حسب داود. 

تتفق الناشطة المجتمعية في شارع الحوادث – منظمة تعمل على مساعد المرضى وأطفال على وجه الخصوص في ولاية سنار – المقام عادل مع داود، وتفسر أن الاستعداد للانتخابات المقبلة يعني تثقيف المواطن\ة بكل “المعطيات المرتبطة بالعملية الديمقراطية، حتى يتحضروا نفسيا وذهنيا وثقافيا وتزويدهم بالنظريات والعلوم المرتبطة بالانتخابات وطرقها”. يجب أن تتم هذه العملية بتدرج، عبر “ندوات تقام في كل بقاع السودان، تهدف إلى توعية المواطنين\ات”.

“يجب العمل على توطين المواطنة كمبدأ للحقوق والواجبات ورفع الوعي العام بمفهوم الدولة والديمقراطية.“

أحمد عثمان الفحل

التواصل مع العامة مهم، وحتى تكون هذه الجهود مثمرة، يجب معرفة أفضل مدخل للتواصل مع الجمهور المستهدف. “التلفاز والإذاعة المحلية أو القومية بالإضافة إلى الملصقات والمنشورات والمخاطبات والفنون الشعبية [كلّها] وسائل تواصل” يمكن استعمالها من أجل توصيل المادة الإعلامية للتطوير المجتمعي تفسر عادل. 

“يجب العمل على توطين المواطنة كمبدأ للحقوق والواجبات ورفع الوعي العام بمفهوم الدولة والديمقراطية“، يضيف أحمد عثمان الفحل.

التنوع

بـ”ولاية سنار تنوع إثني وثقافي مع ما يترتب عليه من تفاوت معرفي ومادي ومن حيث ترتيب الأولويات، يقول داود. “لذلك يجب مراعاة هذه الاختلافات في شكل المادة المستهدفة تخلق وعيا حول ضرورات المرحلة السياسية ومستقبلها“.

“نحتاج لتنفيذ رؤية تشرك الفاعلين في المجتمع في العمل السياسي ومخاطبة المجتمعات المهمشة من مجموعات الفولاني، الأنقسنا والمبان وغيرها، خارج إطار حاضرة الولاية ومدن الرئيسية لنخلق مجتمعا واعيا بالبعد السياسي والمجتمعي والتثقيفي“. 

“نحتاج لتنفيذ رؤية تشرك الفاعلين في المجتمع في العمل السياسي ومخاطبة المجتمعات المهمشة.”

أحمد داود

“تفعيل دور المجتمعات المحلية” حسب داود هو طريقة يمكن أن تساعد على التغلب على هذه التحديات، حيث يجب “زيادة التوعية وتحسين الممارسة السياسية ” من خلال “تثقيف العامة”. وللقيام بذلك “لابد أن يعمل المجتمع المدني الداخلي والخارجي معا”، يشدد داود. 

للإدارات الأهلية والمجتمعات المحلية دور أساسي، “لتداخل البنية القبلية في العملية السياسية في معظم بقاع السودان، وخصوصا في ولاية سنار”، يقول داود. “مثلا زعيم الإثنية يمكن أن يستخدم البسطاء لمصلحته الشخصية كم حدث في فترة النظام البائد وحاليا يتم استغلالهم من الجناح العسكري في الحكومة الانتقالية”، يحذّر داود. 

الأحزاب 

كانت حاضرة ولاية سنار “بؤرة للنظام السابق وشكلت حاضنة سياسية له” يفسر داود، مما ساهم في “ضعف في التنظيمات السياسية وغياب للأجسام الثقافية ومؤسسات الخدمة الطوعية”. ليس لمعظم الأحزاب نشاط يذكر في سنار، “باستثناء حزب المؤتمر السوداني، [ولكن] بدون إعلام كافي للنشاطات التي يقوم بها [مثل] المنتديات والندوات أو غيرها”. هذا يؤدي بالضرورة إذا إلى حشد ضعيف.

“إذا أردنا تحقيق تحول ديمقراطي في السودان، فلابد إن نستصحب معنا الإشكالات موجودة داخل الأحزاب السياسية السودانية” تقول هوازن محمد الأمين، الناشطة في المجتمع المدني مع منظمة رؤية.

وبالعودة إلى الدين والتنوع الاثني، فإن الأحزاب السودانية لا تختلف عن بقية المجتمع السوداني حيث إنها “تقوم في بنيتها على أساسين إما الدين أو القبيلة، وكلاهما معوقان للديمقراطية” تفسر الأمين. 

“على الأحزاب السودانية أن تعبر عن جميع السودانيين \يات بمختلف دياناتهم\هن مجموعاتهم\هن الاثنية، وثقافاتهم\هن”

هوازن محمد الأمين

“على الأحزاب السودانية أن تعبر عن جميع السودانيين \يات بمختلف دياناتهم\هن مجموعاتهم\هن الاثنية، وثقافاتهم\هن، ويجب تعبر عن ذلك في أعضائها وسلوكها” تنبه الأمين.  

إشكالية إضافية يعاني منها المشهد السياسي السوداني هي العلاقة الوطيدة بين “قدسية الزعيم، ترويض الجماهير، وبسط شخص واحد لسلطته” حيث إن لكاريزما الزعيم السياسي ثقل أكبر من برنامج الحزب. 

حسب هوازن، حل ذلك الإشكال يحتاج لوعي من تلك الأجسام السياسية ذاتها. “بعد ذلك نتجه للمواطنين نعمل على تثقيف وتعريف المواطن بحقوقه التي يجب إن ينفذها كل حزب حاكم للدولة”، بالاضافة إلى التركيز على ضرورة النظر للبرنامج أكثر من الشخص، وحق كل الفرد في التعبير عن اختياره السياسي، دون التأثير أو الخضوع للشيخ أو زعيم القبيلة. 

“ما دمنا لم ننقل الأحزاب والمجتمع للفكر الديمقراطي فلن نحقق ديمقراطية”، تلخص هوازن. “علينا تثقيف المجتمع والأحزاب، بالإضافة لتسهيل سبل العيش. هكذا لن يتم شراء الأصوات من طرف حزب انتهازي يسعى للسلطة كما كان يفعل المؤتمر الوطني”. 

الشباب

“نحن اليوم نفاجأ بسبب أفكار الشباب فهذا الجيل واعي ومثقف“، تقول الناشطة المقام عادل. للشباب دور مهم خلال هذه المرحلة، لذا يجب “تفعيل دور المراكز الشبابية بحيث يتم تنمية الفكر وعدم التركيز على عمر معين، لأن الشباب بحاجة لتنمية قدراتهم البرلمانية والسياسية والفكرية”. 

خلال المرحلة السياسية المقبلة “علينا تسليط الضوء على دور الجامعات في زيادة الوعي السياسي والديمقراطي لدى الطلبة“، تضيف عادل. يمكن مثلا: تقديم مقترح لإدارة الجامعات حول كيفية مساهمتها في إعداد الطلبة للمشاركة في العملية الديمقراطية” عبر ندوات وأنشطة تشجع الشباب على التعبير على آرائهم وتصوراتهم وأخرى تساعدهم على تثبيت دورهم في المستقبل السياسي السوداني.

“علينا تسليط الضوء على دور الجامعات في زيادة الوعي السياسي والديمقراطي لدى الطلبة“

المقام عادل

تم إعداد هذه المادة الصحفية عبر دعم من ‘نحو سودان ديمقراطي’، مشروع من طرف الإعلام عبر التعاون وفي التحول (MiCT) وفريدريش إيبرت (FES)، وبمشاركة مركز الأضواء للخدمات الصحفية والإعلامية.