معسكر كلمة، دارفور، السودان.
(cc) موقع الأضواء | عبد الرحمن إبراهيم | 22 سبتمبر، 2019

يواجه نازحو دارفور الذين يودون العودة لديارهم عددا من التحديات، من بينها خطر هجوم مليشيات مسلحة عليهم.


قررت النازحة زينب يعقوب 45 عاماً مغادرة معسكر قريضة جنوبي مدينة نيالا، غرب دارفور، لتتجه مع عائلتها لتعمير أرضها الزراعية بعد سنوات الحرب والنزوح في الإقليم. ما أن وطأت قدما زينب أرض مزرعتها بعد سنوات من الغياب، حتى هاجمتها مجموعة من الرعاة، مطلقين الرصاص على أسرتها، لتلقى حتفها مع طفلها ذو السبعة أعوام، محمد عثمان إسماعيل.

معسكر كلمة، دارفور، السودان. (cc) موقع الأضواء | عبد الرحمن إبراهيم | 22 سبتمبر، 2019
معسكر كلمة، دارفور، السودان. (cc) موقع الأضواء | عبد الرحمن إبراهيم | 22 سبتمبر، 2019

مع استتباب الأمن النسبي في الإقليم المضطرب لسنوات، اعتقد كثير من المزارعين الذين اضطروا للعيش في معسكرات النزوح أن الوقت قد حان لعودتهم إلى مناطقهم الأصلية وممارسة حياتهم الطبيعية في الزراعة. إلا أن ما خلفته الحرب من تمدد مجموعات رعوية مسلحة على أراضيهم يحول دون ذلك.

حسب بيان صادر عن المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (مؤسسة مدنية مستقلة شكلها اللاجئون في عام 2016 للتنسيق بين جميع معسكرات دارفور)، يوم 29 سبتمبر 2019، ممهورا بتوقيع آدم رجال، منسق معسكرات مديرية الجنينة، غرب دارفور: “عند تمام الساعة التاسعة صباحا [يوم 28 سبتمبر، 2019] قامت مليشيات الجنجويد بالاعتداء على المدنيين في قرية سندو وعدد من القرى بمحلية مكجر، وتم حرق ونهب ثلاثة قرى بالكامل وهي: قرية رمالية، قرية ديدي، وقرية أوردو.”

يضيف البيان أن هذا الاعتداء أودى بحياة شخصين، وتسبب في جرح ثمانية أشخاص وفقدان 30 طفل في تلك المناطق. يقول المنسق العام لمعسكرات النازحين واللاجئين، يعقوب محمد، إن هناك خطة ممنهجة لتغيير تركيبة السكان في المناطق التي تشهد صراعات ونزوح أهلها والذي يندرج تحت نزاع الأراضي بالإقليم من قبل حكومة النظام السابق، لافتا إلى أن عدد من راحوا ضحية الصراعات بعد سقوط النظام بمناطق العودة الطوعية يتجاوز الأربعين شخصا.

أضاف يعقوب لموقع الأضواء: “بعد تغيير النظام كنا نأمل في معالجات للأوضاع في الإقليم وعودة النازحين لممارسة حياتهم الطبيعية في الزراعة، إلا أن ذلك غير ممكن في الوقت الحالي مع استمرار الهجمات على المزارعين من قبل الرعاة المسلحين وسيطرة مجموعات مسلحة محسوبة على النظام السابق على أراضي النازحين فيما يعرف بالمستوطنين الجدد.”

من جهته، يقول الكاتب المؤرخ وعضو تجمع المهنيين السودانيين في ولاية جنوب دارفور، نور الدين بريمة، إن “قضية المستوطنين الجدد هي حقيقة ماثلة في الإقليم وهى تتركز في المناطق الغنية التي يتوفر فيها الكلأ والماء خاصة في غرب وجنوب دارفور”.

“معالجة قضايا المستوطنين الجدد واحدة من أهم القضايا التي يمكن أن تحقق السلام العادل”

— نور الدين بريمة، كاتب مؤرخ وعضو تجمع المهنيين السودانيين في ولاية جنوب دارفور

ويرى بريمة، الذي قاد الاحتجاجات التي أدت إلى سقوط الرئيس البشير، بأن “معالجة قضايا المستوطنين الجدد واحدة من أهم القضايا التي يمكن أن تحقق السلام العادل، إذا تمت معالجتها بصورة واضحة عبر جمع السلاح من أيدي المجموعات الأهلية التي سلحتها الحكومة.”

هذه الأحداث الجديدة أعادت إلى أذهان سكان الإقليم تساؤلات حول حقيقة الصراع وعمليات النزوح الجديدة التي شملت عدد من القرى، فهل الموجة الجديدة من الصراعات نتيجة لتراكمات ومشاحنات تاريخية، مثل الصراع حول الموارد والأراضي التي خلّفها النظام البائد والحكومات السابقة؟

هذه الأخيرة وزعت السلاح بصورة عشوائية لبعض المجموعات الإثنية دون أخرى بغرض حماية مناطقهم من تمدد حركات التمرد.

يحذر والي جنوب دارفور اللواء ركن هاشم خالد محمود من عقبات هذه الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة مؤخرا ويقول: “لا نتمنى ان تقودنا هذه الأحداث إلى مربع الصراعات القديمة.”

ويضيف في حديث لموقع الأضواء: “هناك إحساس بعدم الارتياح في حسم ملف النزوح سيما مع تحرك الحكومة السابقة في هذه الملف. يرى النازحون أصحاب المناطق الأصلية أن عملية تشريدهم تحت قوة السلاح تم نتيجة عمل خطط له النظام السابق ويتطلعون لمعالجته من قبل الحكومة الحالية”.

أعلن المجلس السيادي، في اجتماعه الأول خارج العاصمة الخرطوم في مدينة نيالا، ولاية جنوب دارفور ، يوم 26 سبتمبر 2019، أن هنالك خطة طموحة لمعالجة أمر السلاح وجمعه. وحسب المتحدث باسم المجلس محمد الفكي، فإن هناك إرادة من الحركات المسلحة للتوصل لاتفاق يخاطب جذور الأزمة بغرض معالجة المشاحنات التي خلفها النظام البائد.